الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفي، وبعد، فإن حديث " سيِّدُ الشُّهداءِ حمزةُ بنُ عبدِ المطَّلبِ ورجلٌ قام إلى إمامٍ جائر فأمره ونهاه فقتله" رُوي من حديث ابن عباس ، وسمرة، وأبي عبيدة بن الجراح، وجابر، وأبي سعيد الخدري ولفظه" أفضل الجهاد كلمة (عدل) حق عند سلطان( أو أمير) جائر" وكلها ضعيفة، ولكن يجبر بعضها بعضا، ويمكن أن يكون حسناً لغيره. هذا من الناحية الحديثية.
وأما عن فقهه: فقد احتج به الشاغبون المنتحلون فكر الخوارج والمعتزلة الأشرار بالخروج علي ولاة الأمور الجائرين الظالمين، وهذا الفكرمخالف لصريح صحيح النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم. وما عليه أهل السنة والجماعة قاطبة.
- وهذا ليس بغريب على أهل الهوي والزيغ، فإنهم يلوون رقبة النصوص الصحيحة الصريحة لهواهم وأفكارهم المرذولة،
- ومن جانب أخر يأخذون نصاً واحداً مما في الباب فيشبهون به على ما في الباب، وهذا من علامات أهل البدع ، والحق الذي لا ريب فيه عند ذى عقل سليم، جمع ما في الباب لمعرفة الحكم بطريق مرضي جمعاً بين العام والخاص، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين...إلخ
وهذا طريق الكبار أهل العلم الحقيقي، وطلبته النشطين، أعزهم الله وأعز بهم دينه ما دامت السموات والأرض، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم.
والمقصود: أما السياق الأول " ورجلٌ قام إلى إمامٍ جائر فأمره ونهاه فقتله"
هذا الذي قام إلي الإمام الجائر الظالم، الظاهر أنه من الأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وإذ الأمر كذلك فيتعين عليه أن يلزم الطريق الصحيح في ذلك.
كيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولي الأمر (السلطان) (الأمير)
قال تعالي: " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" (النحل -125).
وقال لموسي وهارون:" اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى. فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى" (طه-43، 44).
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم " إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ، قالوا : لمَن يا رسولَ اللهِ ؟ قال : للهِ ، وكتابِه ، ورسولِه ، وللآئمةِ المسلمين ، وعامَّتِهم ، " والشاهد في قوله " وللآئمةِ المسلمين"
وهل النصحية تكون للسلطان أو الأمير أو ولي الأمر في السر أو في محلته، أم في الميادين، والشوارع والطرقات، وبإعلان المساوئ، والسب والشتم وتقليب الناس عليهم؟
أهل الحق أهل الاتباع يجيبون بالأول من غير شك عملاً بالشرع الحنيف الصريح.
واما أهل السوء أهل الابتداع يجيبون بالثاني، لأنهم نشأول علي فكر الخوارج والمعتزلة من تحكيم المعقول في المنقول عند مصادمته وكشفه، فجعلوا العقل إلآهاً من دون الله الواحد الأحد، وحكموه لهم مشرعاً فماذا بعد هذا الضلال من ضلال.
فإن قام الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بمقتضي الشرع بما به يأمر وينهي فقتل منحسبه عند الله شهيداً، وبغير ذلك فلا، وليست الشهادة صكوكاً تباع وتشتري علي مائدة الفوضي باسم الدين الحنيف.
واما السياق الثاني من حديث أبي سعيد –على ضعفه- فلا يخرج عما قلته. والمتأمل في السياق يجد ذلك. بدلالة"عند" الدالة على الزمان والمكان.
وقوله" كلمة حق (عدل). وهذا لازم للتثبت من وجه معتبر لا غموض فيه، قبل التوجية والارشاد.
ولا يجوز بناء الحكم علي مصطلحات التمريض الدالة علي ضعف ما بعدها مثل (قيل، وحكى، وروي) أو البلاغات الواهيات كقولهم: "بلغنا ، أو قالوا،...
فليتقوا الله عز وجل، وليلزموا طريق الحق والهدي، فإنه طريق واحد لا دخن فيه، وليحذروا التلون فيه تلـّون الحرباء، لأن مصيرهم إلي العار، وتبعاته شنار عليهم، ومن غرروه وسحبوه وقد خنقوه بغير عقل منه يميّـز
والله سائل الجميع في ساحة الحساب. والإيمان بيوم القيامة ركن من أركان الإيمان فليعدوا للسؤال جوابا. |