الحمد لله وبعد، قال تعالى: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 31، 32]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } [الأنعام: 159]. فالأصل في المجتمع المسلم الوَحدة تحت إمرة أمير أو ولي أمر نتبعه في الطاعة، ولا نتبعه في المعصية، نناصحه بالمعروف فيكون الولاء والبراء على قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بضوابطه المعروفه. والأحزاب المتداولة الآن صناعة قوم كافرين، فهذا الحزب الجمهوري أو الوطني، وهذه أحزاب المعارضة ....الخ. هذا من الناحية السياسية كما يقولون ، وهذا كله لا يأتي بخير، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذّر من الجري وراء أهل الكفر والإلحاد ومن استحسان أقوالهم وأفعالهم، ذلك لأنها لا تأتي بخير غالبا، فقال في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ» ، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قَالَ: «فَمَنْ». البخاري (3456)، ومسلم (2669). وهذا استفهام إنكاري تعذيري: فمن هم غير أولئك. وفي هذا النص قد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الإخبار والإنكار . وأما من الناحية الدينية، فأبطل الباطل ذلك لأن دين الإسلام منهج واحد بأصول واحدة ثابتة اتفق عليها أهل السنة والجماعة، ومن شذ عنهم فقد ضل وأضل وفسد وأفسد وضاع وضيع وبرهان ذلك في القرآن والسنة كثير منه. قال تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف: 43، 44]. وقال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [هود: 112]. وقال : {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: 18]. وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا فَقَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ» ، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فَقَالَ: «هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ» ثُمَّ تَلَا " {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: 153] " الْآيَةَ. صحيح بطرقه. وفي حديث أَبَي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، يَأْتُونَكُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ، وَلَا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ، لَا يُضِلُّونَكُمْ، وَلَا يَفْتِنُونَكُمْ» مسلم (7). وبهذا تكشف حقيقة الأحزاب المعاصرة التي تزعم الانتساب إلى أهل السنة والجماعة، رأيناها ترويجية لسلعة فاسدة من وجه أو من وجوه، ذلك لآن المنهج واحد وليس شعارا يرفع فقط، ولا حزبا فكريا ولا سياسيا. وليعلم السائل أنه من الآثار الناجمة عن ضعف التمسك بالمنهج المتمثل في القرآن وصحيح السنة بفهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان. 1- ضعف الاهتمام بالتوحيد إليه. 2- ضعف الاهتمام بطلب العلم الشرعي الحقيقي وبعلو بعيدا عن لغط المعاصرين. 3- الحزبية والغرور. 4- الافتراق والاختلاف. وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم واتباع الصحابة ومن تبعهم بإحسان.
تاريخ الجواب علي الفتوي :2011-05-29 |