الفكر المتطرف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- ، وبعد
فهذه رسالة عاجلة أظهرت فيها معنى الفكر والتطرف، وما الفرق بينه وبين المنهج
معنى الفكر: هو جملة النشاط الذهني، أو هو أسمى صور العمل الذهني بما فيه من تحليل وتركيب وتنسيق. هكذا مطلقا فالفكر مفتوح بغير زمام يذمه، وعليه فالمحسن والمقبح هو العقل إذ هو ما يكون به التفكير، ومن المسلمات أن العقول تتفاوت في تحسينها وتقبيحها، وهنا الخلل، ولذا نرى تقبيح الشرع، لمن اتخذ إلهه – فكره – عقله- فقال تعالى: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا) (الفرقان: 43)
والمعنى: أنه أطاع هواه كطاعة الله، لا يهوى شيئًا إلا اتبعه، أفأنت تكون عليه وكيلًا: حفيظًا وكفيلًا ترده عن ذلك، لست تقدر على ذلك، إنما عليك البلاغ.
وهذا يغاير تمامًا المنهج، فهو ذمام الفكر المنطلق ومقيده.
* المنهج والمنهاج من النهج: و هو الطريق المستقيم الواضح، وهو واحد، يُقال: انتهج الطريق أي استبانه وسلكه، ويُقال: استنهج سبيل فلان، أي: سلكه.
وبهذا يظهر الفرق بين اللفظين ودلالتهما، من حيث العموم والخصوص، والإطلاق والتقييد.
* التطرف: تطرف، أتى الطرف، يُقال: تطرف في كذا، جاوز حد الاعتدال ولم يتوسط.( [1] )
فإذا قلنا: (الفكر المتطرف) من المنظور الشرعي، فهو يعني: كل مذموم مخالف للشرع المنقول بطريق المعصوم المبعوث رحمة للعالمين -صلى الله عليه وسلم- ، القائم على عقيدة صحت، وتعبد وَرَد، وتعامل شُرع.
وبهذا نفهم المراد من قوله تعالى: ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد: 7)
والشرط مقابل المشروط وجودًا وعدمًا، ونفيًا وإثباتًا.
فالمنهج كاشف لألغام الأفكار في كل زمان ومكان.
* ومن علامات ودلالات المنهج الذي هو الطريق المستقيم الواضح الواحد:
1ـ قوله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) الأنعام(153)
ومناسبتها في حديث عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- ، قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- خَطًّا فَقَالَ: "هذا سَبيلُ الله". ثُمَّ خَطَّ خُطُوطاً عَنْ يَمينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: "وَهذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كلِّ سبيلٍ مِنْها شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ". ثُمَّ تَلا{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} فيه الآتي:
1ـ أن المنهج طريق واحد مستقيم لا إعوجاج فيه البتة، وإنما حد الله سبيله لأن طريقه واحد، ولهذا جمع السبل: لتفرقها و تشعبها، كقوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}. (البقرة: 257) فجمع الظلمات؛ لأن طرائقها قددًا، وأفرد النور؛ لأن طريقه واحد.
2ـ الأمر باتباع المنهج ولزوم طريق التقوى: طريق الفلاح والعزة والسعادة والوقاية من الفكر المتطرف.
3ـ النهي عن سلوك السبل المتفرقة التي على رأس كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، فهذه الأفكار ضالة ومضلة، تُلَبس باسم المنهج وتتلون فيه، وبرهان ذلك في قوله -صلى الله عليه وسلم- : (يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، يَأْتُونَكُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ، وَلَا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ، لَا يُضِلُّونَكُمْ، وَلَا يَفْتِنُونَكُمْ)
*قوله (يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ): من علامات نبوته -صلى الله عليه وسلم- .
*قوله(دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ ): من جنس تلك السبل التي خطها يمينا وشمالا، فهذا فكر مخالف للمنهج، وعلامته: أنهم كذابون دجالون حيث يحدثون ببدع من القول ليست في المنهج، ليست في الطريق المستقيم، والمطلوب: التحذير منه لأنه ضال فتان، حيث تكلم بصورة المنهج وليست منه.
*قوله تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(هود: 112)
قوله: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ) هذا منهج، حيث أمر سبحانه وتعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- ، وعباده المؤمنين معه بالثبات والمداومة على المنهج، وهو المستقيم الواضح الواحد، وذلك من أكبر العون على النصر على الأعداء الذين يتربصون الدوائر بالبلاد والعباد.
قوله: (وَلَا تَطْغَوْا): الطغيان هو مجاوزة الحد في الشئ، وهو البغي، خروج عن المتبع، فهذا فكر متطرف، إنه سبحانه خبير بأعمال وأقوال عباده لا يغفل عن شئ ولا يخفى عليه شئ ويحذركم الله نفسه.
*قوله تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) الجاثية(18) جعل الله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- : على شريعة من الأمر، فهذا منهج له أتباع.
قوله: ( فَاتَّبِعْهَا): من غير لم، ولا كيف؟
قوله: ( وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ): حال اصطدامها مع الفكر، فهذا فكر متطرف.
*قوله -صلى الله عليه وسلم- لسُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ: قُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ، ثم اسْتَقِمْ.
فهذا منهج، إذ الاستقامة تكون على ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- : كان على الوحي الذي هو القرآن والسنة.
*قال تعالى: ( وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا). النساء (113) وقال: ( إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ) [الأنعام: 50]
فهذا منهج، والصحابة كانوا على ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا ظاهر في الأدلة المذكورة، وفي الباب غيرها كثير. وعليه فالمخالف للمنهج في القول أو الفعل: تطرف.
*والمسلم: هو المستسلم المتبع المنقاد للمنقول ـ وهو المنهج ـ من غير لم ولا وكيف؟ فلا يحكم المعقول في المنقول، فإن كان فهو فكر متطرف. قال تعالى(قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)الأنعام (56) فهذا نهي عنه وحذر منه.
أسباب الفكر المتطرف: حصرتها في خمسة أسباب:
الأول: الجهل بثوابت الشريعة وواجباتها، وهذه الثوابت والواجبات قائمة على الاعتقاد الراسخ في الآتي:
1-توحيد الله بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته
2-ختم الرسالات بمحمد -صلى الله عليه وسلم- حيث أرسل بالوحي القرآن والسنة
3-الصحابة –رضي الله عنهم- أفضل الأمة وسادتها بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- كلهم عدول مرضيون عند الله
ورسوله على تفاضل بينهم باتفاق المسلمين فالطاعن فيهم أو في آحادهم طاعن في الرسول -صلى الله عليه وسلم-
4- الامتثال لله ولرسوله مهما خالف المعقول، وتقديم ما جاء عن الله ورسوله على قول أي أحد. فالعبث في كل هذا أو محاولته فكر متطرف
الثاني: التبعية العمياء، ولها طريقان
1-في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : "لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ[وباعًا بباع]، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا [سلكوا]جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ [سلكتموه]، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟ "
2-إتباع أتباع الذين سلكوا جحر الضب على لحنهم وتلونهم في المنهج الواضح المستقيم، وهم شياطين إنس استحوذ عليهم الشيطان الجني فسول لهم وأملى لهم فخالفوا المنقول فظنوا أنهم يحسنون صنعا، وهم يسيئون صنعا. وهذا فكر متطرف
الثالث: تدهور مستوى الأسرة في التربية والمتابعة:
وعمدة هذا السبب في حديث عبد الله بْنِ عُمَر-رضي الله عنهما-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: ((أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)).
والشاهد في قوله (( وَالرَّجُلُ رَاعٍ... ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ.... ))
والمسئولية في الدين والدنيا، وبرهان ذلك في قوله -صلى الله عليه وسلم- :
1- ((كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ..)).
2- ((مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ)).
3 - ((كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ)).
فمناط الإصلاح والإفساد، والخير والشر في الوالدين.
والمقصود من التربية والمتابعة فيها أن تكون على خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأصحابه –رضي الله عنهم- .
فإذا أحسن في دينه أحسن في دنياه، وإذا أساء في دينه أساء في دنياه، فالتلازم بينهما قائمٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ((المُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ (وَأَنْفُسِهِمْ) وَأَمْوَالِهِمْ)).
فإذا اختل هذا فهو فكرٌ متطرف، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ، وَشَرُّكُمْ مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ)).
والمطلب في قوله (( خيركم )) فإذا اختل فهو الفكر المتطرف.
الرابع: تدهور مستوى الأخلاق في الشوارع والمؤسسات.
وهو فرع عن الذي قبله من وجه، ومن وجه آخر في قوله -صلى الله عليه وسلم-، ((والْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)) في الدين والدنيا معاً.
والأخلاق: وصفٌ يتعلق بالأقوال والأفعال التي توصف بالحسن أو القبح، ومردُّ ذلك إلى الشرع فإذا خلا فهو فكرٌ متطرف.
ومن صور ذلك:
1 – الشباب التائهون بغير هوية.
قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : (( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا،... وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ..))
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضى الله عنهما- قَالَ: " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ". وعَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ، قَالَ: ((المَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ)).
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ))
عريٌ وفجورٌ في السلوك والكلام، عصيانٌ وتمردٌ على شرع الرحمن، وقالوا: مدَنيةٌ وحضارةٌ، فهذا فكرٌ متطرفٌ.
2- الغش في الامتحانات على مستوى التعليم كله، وفي البيوع والمعاملات.... إلخ.
وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ)).
قالوا: عمَّتْ به البلوى؟ فهو حلالٌ لا بأس به!. فكرٌ متطرفٌ.
3- الرشوة، ظاهرة واضحة جليَّةٌ، غيَّرت القول والفعل، ووسَّدت الأمر لغير أهله، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي)).
قالوا: عمت بها البلوى، فهي حلالٌ لا بأس بها!. فكرٌ متطرفٌ.
4- الكذب والخيانة والفجور عند الخصومة، والغيبة والنميمة، وغير ذلك مما حذّر منه الشرع الحنيف، الخوض فيه واشتياهه. فكرٌ متطرفٌ.
الخامس: تجنيد المسلم نفسه لشبكات الإجرام والإرهاب في العالم.
نلمس في الحديث السابق ذكره..... قالوا: يَا رَسُولَ اللهِ آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: ((فَمَنْ)) أي فَمَنْ غير أولئك القوم، وهذا لا يخفى على كل ذي عقل وبصر، فحياتهم دنياهم، وعقولهم آلهتهم، وعداؤهم للإسلام والمسلمين مجزومٌ به.
وتجنيده من وجوه:
1- إعطاؤه جنسية البلد المقيم به.
2- إظهار الحب والولاء له.
3- إثراؤه اجتماعياً من حيث المال والمسكن والمركب.
4- غسله فكرياً على إثر جهله بدينه أو تنطعه وغلوه.
فإذا سألت لماذا كل هذا؟ أجيب لأجل التخريب، للمزايدة، مَنْ يريد تخريب المسلمين دياراً وسكاناً وعقولاً، فأهلاً ومرحباً. تخريب بالكلام، تخريب بالقلم والكتابة، تخريب بالفعل، خطيرة صناعة الفكر المتطرف.
قال الله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ
حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال: 36]، وقال: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32]
إنه فكر متطرف يريد النيل من الإسلام وأهله ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ساعدهم على ذلك متطوعون باسم الإسلام
ثم بعد تجنيده واحترافه يتم إرساله إلى بلده أستاذًا جامعيًّا أو مسئولًا مرموقًا في مؤسسة لها أثرها ثقافيًا وإعلاميا وتعليميا، انظر حولك متأملا متدبرًا لتستعد بما أخبر به الله ورسوله ولترفع رأسك ببراءة الإسلام من صناعة الإرهاب
وقد يُجند المسلم في وطنه بمثل ما سبق ونحوه حيث تنمى فيه تمرده على دينه ووطنه؛ لأنه إذا تخلى المسلم عن تعاليم دينه، وحكم عقله في أوامره ونواهيه تخلى عن كل شيء بعد وذلك من حيث الآتي:
-إعطاء الشهادة الفخرية. – ذكره والإطراء عليه في محافلهم ومحافل بلده -السماح له بالكتابات والكلمات في إعلامهم وإعلام بلده -توسعة دائرة شهرته في بلده، ولكل شيء ثمن
وقد يختل الفكر بعيدا عن كل هذا بسبب جهله وكبره وغروره وشهرته بين العوام والهوام فيتكلم في دين الله بما ليس فيه حقيقة، وانتحل شذوذ أقوال البشر ففسق بها عن وحي رب البشر، وهذه مزبلة فكرية لها أثرها السيء في العباد والبلاد.
علاج الفكر المتطرف
يكمن في إفاقة المسلم من غفلته، ولينزع عباءة جهله في دينه، وليعلم أنه مسئول عن نفسه ومن يعول لقوله -صلى الله عليه وسلم- : " كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ...."
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ } [الرعد: 11] وقال: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا } [نوح: 10 - 13]
نسأل الله العفو والعافية والهداية والتوفيق
كتبه
صبري عبد المجيد
( [2] ) صحيح بطرقه. أخرجه أحمد (4142)، والترمذي (2454)
( [3] ) حسن من حديث أبي هريرة، عند مسلم في مقدمة صحيحه (7)، وأحمد وابن حبان وغيرهم.
( [9] ) رواه النسائي(9131) من حديث عَبْد اللهِ بْن عَمْرٍو .
( [10] ) صحيح لغيره. رواه الترمذي(2627)من حديث أبي هريرة ، وابن ماجه(3934 ) من حديث فضالة بن عبيد
( [11] ) حديث صحيح. رواه الترمذي (2263) وغيره من حديث أبي هريرة .
حسن. رواه ابن حبان (5559) والطبراني وغيرهما.
|